الاستعمار
الاستعمار ويطلق عليه اسم (استدمار) من قبل عدد من منتقديه، يُشير هذا المصطلح إلى ظاهرة سياسيّة اجتماعيّة ثقافيّة، وتعني إقامة عددٍ من المستوطنات الأوروبيّة خارج الدول الأوروبيّة، واستيلاء هذه الدول اقتصاديّاً وسياسيّاً على مساحاتٍ واسعة في مناطق وقارات أخرى، وإخضاع شعوبها لتيسير حكمها والسيطرة عليها واستغلال كنوزها ومواردها، وتسخير شعوب تلك البلاد المحتلة للعمل لصالحها.
على الرّغم من انتهاء حقبة الاستعمار في القرن العشرين، إلا أنه يُعتبر أكثر ظاهرةٍ سياسيّة تأثيراً على صورة وشكل العالم المعاصر. وتهدف ظاهرة الاستعمار إلى سيطرة الدول القويّة على الدول الضعيفة، وبسط سيطرتها ونفوذها واستغلال خيراتها في جميع المجلات، إضافةً إلى سلب ونهب معظم ثروات الدول الضعيفة المستعمرة، إضافةً إلى تدمير تراث تلك الدول الثقافي والحضاري، وتحطيم كرامة شعوبها عن طريق فرض ثقافة الاستعمار على اعتبار أنّها الثقافة الوحيدة التي تمكّن البلاد المستعمرة من الانتقال إلى مرحلة الحضارة.
أسباب الاستعمار
ترتبط أسباب الاستعمار بعددٍ من الأهداف للدول المستعمرة، ومن أهمّها تحسين مركز الدول المستعمرة في عمليّة التنافس على المراكز المُتقدّمة في سلّم القوى الدولية، والذي يؤدّي إلى توسيع دائرة نفوذ تلك الدول في المجتمعات الدوليّة والمحليّة، إضافةً إلى تمكّنها من التحكم في القرارات الدوليّة وتوجيهها لمصلحتها، ويمكن توضيح أسباب وأهداف الاستعمار في عددٍ من النقاط، هي:
- قلب الوضع القائم على الساحة العالميّة، والقيام بمراجعة علاقات القوى بين دولتين أو أكثر، في سبيل الوصول إلى تفوّق محلي، أو من أجل إقامة إمبراطوريّة قاريّة، أو من أجل فرض هيمنة عالميّة، وهذا ما يحدث مع الدول التي تملك شهوة القوّة – حسب رأي العالم الأميركي هانس مورغانتو في تفسيره لمعنى الإمبرياليّة – هي الرّغبة في تحسين وضعها بشكلٍ مستمر دون الاقتناع بالوضع القائم.
- تَمكّن الدول الاستعماريّة من تعزيز مركزها على الساحة الدوليّة؛ ففي ظلّ التنافس على تلك الساحات لا بد لتلك الدول من البحث عن موارد جديدة لزيادتها، مما يستدعي البحث عنها خارج إطار حدودها بعددٍ من الطرق، ومنها تمويل عددٍ من البعثات الاستكشافيّة الجغرافيّة التي تهدف إلى البحث عن مناطق يمكن الاستثمار بها لغنى مواردها – كتمويل رحلتي البرتغالي فاسكو دي غاما مكتشف طريق رأس الرجاء الصالح، وتمويل بعثة كريستوفر كولمبوس مكتشف السواحل الأميركيّة – وتوضح تلك الرحلات الخطوة الأولى لبدء الاستعمار في عددٍ من مناطق العالم.
- احتلال المناطق الغنيّة بالموارد بشكلٍ مباشر، وارسال مستوطنين إلى المناطق المسيطر عليها؛ كالاحتلال البريطاني لعدن ومصر ونيجيريا، واحتلال فرنسا للجزائر وفيتنام، واحتلال إسبانيا لعددٍ من مناطق المغرب العربي، ومن الدول التي تمّ استعمارها والاستيطان فيها الاستيطان الصهيوني في فلسطين، إضافة للاستيطان الهولندي لجنوب افريقيا.
- الحصول على المواد الخام التي تملكها الدول التي تمّ استعمارها، وذلك لاعتماد الصناعات الجديدة عليها، وهذا ما حدث في الدول الأوروبيّة إبان الثورة الصناعيّة، إضافةً لسدّ حاجة المصانع من تلك المواد الأمر الذي أدّى بتلك الدول إلى السعي للبحث عنها في أرجاء العالم، كمادة القطن من مصر، والألماس والذهب من جنوب إفريقيا.
- أسباب دينيّة: تتمثل في إعادة تشكيل المنظومة الثقافيّة للمجتمع المستعمر، لجعله وثيق الارتباط بالمستعمرة.